الشراكة بين القطاعين العام والخاص ودورها في التنمية الاقتصادية للقطاع الصناعي العراقي

الطـالب : علاء جلوب فهد      المشرف : أ.د. سعدون حمود جثير

تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة بحث الدبلوم العالي في تخصص التخطيط الاستراتيجي للطالب ( علاء جلوب فهد ) عن دراسته الموسومة ” الشراكة بين القطاعين العام والخاص ودورها في التنمية الاقتصادية للقطاع الصناعي العراقي – بحث تطبيقي في مجموعة من شركات القطاع الصناعي العام “.

إن عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص تسعى الى المساهمة الفاعلة لكلا القطاعين في تحقيق التنمية الاقتصادية سيما في الدول النامية التي تشكو عجز مستدام في  مواردها المالية وتحتاج إلى المزيد من التمويل لغرض تغطية أستثماراتها ونفقاتها على مشاريع البنى التحتية وغيرها من المشاريع الخدمية العامة القائمة والمتوقفة والمزمع اقامتها، والشراكة بأختصار عبارة عن منح تفويض للقطاع الخاص من قبل القطاع العام (الدولة) لانتاج السلع والخدمات نيابة عنه مقابل هامش من الارباح المتحققة تحدد وفق عقود، دون التأثير في صفة الملكية للاصول والموجودات المستخدمة في الأنتاج والتي تبقى ملكية عامة.


حيث اتجهت الكثير من الدول في الآونة الاخيرة الى تقليص دور الدولة و مساهمتها في النشاط الاقتصادي وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في المشاريع وتقديم  الخدمات العامة، سيما تلك التي توجهت نحو اقتصاد السوق حديثاً كالعراق مثلاً، وبالاستفادة من النتائج التي افرزتها تجارب العديد من الدول الرأسمالية التي قطعت شوطاً كبيراً على طريق الاستثمار الخاص مثل (بريطانيا، فرنسا ، والولايات المتحدة الامريكية وغيرها)، اذ بينت ان سياسة انفراد كل من القطاعين العام والخاص في إدارة العملية الاقتصادية هي ليست الافضل او الاكثر فاعلية لمعالجة الاختلالات التي قد تحصل في النشاط الاقتصادي، فضلاً عن ضعف أو عجز القطاع الخاص في النظام الرأسمالي عن مواجهة الأزمات الاقتصادية التي تحدث بين فترة وأخرى مما يستلزم تدخل الدولة للحد من آثار هذه الازمات، بالمقابل نلاحظ أن انهيار الاتحاد السوفيتي السابق وفشل القطاع العام في تحقيق تنمية مستدامة للعديد من الدول النامية  ذات النظام الاشتراكي.


الامر الذي أدى بصورة أو اخرى الى اتجاه اغلبها الى تبني نهج الاصلاح الاقتصادي الذي روجت له المنظمات الرأسمالية بمحض ارادتها أو بناءً على متغيرات خارجية أستوجبت ذلك، وعليه برزت صيغ وأساليب جديدة تتمثل حول التكامل والتعاون بين القطاعين العام والخاص في ادارة النشاط الاقتصادي اطلق عليها تسمية (الشراكة بين القطاعين العام والخاصPPP) )Partnership between Public – Private sectors).


ان الشراكة ترتكز على مبدأ التعاون والتكامل والتنسيق بين القطاعين وتهدف إلى تحسين إداء المشاريع الانتاجية والخدمية العامة  وتطوير وجودة الخدمات المقدمة، إذ تعد من العوامل الرئيسة والمهمة لتحسين ادائها الانتاجي والخدمي والاستغلال الامثل لطاقاتها الانتاجية من خلال الاستفادة من خبرات وامكانية القطاع الخاص من جهة، ومن جهة اخرى تشجيع ودعم القطاع الخاص بأعتماد السياسات والتشريعات الداعمة للأستثمار الخاص وتهيئة بيئة اقتصادية وسياسية مستقرة  وداعمة تساهم بشكل فعال في جذب الاستثمار الخاص سيما الاجنبي الذي يتميز بالتكنولوجيا والتقنيات الانتاجية الحديثة والخبرات العلمية والفنية المتراكمة، فضلاً عن رؤوس الاموال الكبيرة.


وقد اعطت  الامانة العامة لمجلس الوزراء هذا التوجه اهمية كبرى من خلال تشكيل لجنة تضم عدد من الخبراء والمختصين من اجل اعداد  مسودة لقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وقد قامت بتضمين قانون الموازنة الفيدرالية مادة تنص على عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص (موزانة عام 2017 و2018) اضافة الى دور وزارة الصناعة والمعادن التي سعــت الـى دعم وتنمية القطاع الصناعي الخــاص وتطويره، وبهذا الخصوص تم اعتماد حزمة من الاجــراءات المتعلقــــة بعقـد شَراكات إستراتيجية طويلة الامد مع القطاع الخاص الاجنبي والمحلي في الكثيرمن الصناعات كصناعة السمنت والاسمدة وعقود الطاقة الكهربائية المتضمنة جباية واستحصال مبالغ فواتير استخدام الطاقة الكهربائية.


وعليه تبرز مشكلة البحث في التساؤل الرئيس هل تدرك الادارة العليا في العراق كيفية توظيف عقود شراكة القطاعين العام والخاص لتحقيق تنمية اقتصادية ؟.


وتبرز أهمية البحث من خلال ابراز أهمية دور الشراكة بين القطاع العام والخاص في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية، اذ ان الشراكة تكتسب أهميتها من خلال تصحيح الاداء الاقتصادي للمشاريع العامة لتحقيق معدلات نمو متزايدة ومستمرة وتحسين مستوى الخدمات، وكذلك من خلال بيان مدى آثارها في كفاءة  اداء المشاريع الانتاجية والخدمية العامة بصيغتها الجديدة كمشروع شراكـة وفرص نجاحها في الدول النامية بصورة عامة والعراق بصورة خاصة وانعكاس ذلك في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.


وان الهدف الرئيسي من البحث هو تسليط الضوء على مفهوم وآلية ودور الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومعرفة خصائصها وشروطها ومتطلبات نجاحها وانعكاس ذلك في تحقيق التنمية الاقتصادية، مع التعرف على كيفية توسيع أفاق الشراكة وتحديد جدواها في العراق سيما في القطاع الصناعي وبيان دورها في التنمية الاقتصادية للقطاع الصناعي وسيما للشركات الخاسرة التي اثقلت كاهل الموازنة العامة للدولة منذ عام 2003 ولحد الان.


وقد تم تناول الموضوع في اربعة فصول حيث بحثنا فــي الفصل الاول المنهجية العلمية للبحث، مع تقديم مجموعة من الجهود الفكرية السابقة التي تمكن الباحث من مراجعتها ، اما الفصل الثاني فقد تناول الجانب النظري للشراكة ودور الدولة والقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، مع تقييم كل من القطاعين ودورهما في عقود الشراكة، وواقع التنمية الاقتصادية في العراق وسبل النهوض بها خصوصاً في القطاع الصناعي وبيان اهمية التنمية الصناعية لخلق تنمية شاملة ومستدامة، وفي الفصل الثالث سيتم تناول الجانب العملي للشراكة في القطاع الصناعي العراقي ونبين دورها في تنمية وتطوير هذا القطاع مع عرض الواقع الحالي لتلك الشركات من حيث الواقع المالي وعدد العاملين وضمن توجه العراق إلى اقتصاد السوق بعد عام 2003 ، واخيراً جاء الفصل الرابع لتقديم جملة من الاستنتاجات والتوصيات التي تؤكد اهمية الشراكة في بناء واعادة تأهيل المشاريع الصناعية وضرورة اعتماد القطاع الخاص في عملية التنمية الاقتصادية بالتشارك والتعاون مع القطاع العــام، وتشجيع الاستثمارات الخاصة (المحلية والاجنبية) وتهيئــة البيئة الاقتصادية الجاذبة للاستثمار الخاص.


وقد توصل البحث الى جملة من الاستنتاجات ندرج منها :


1. بسبب الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد العراقي بوجه عام والقطاع الصناعي على وجه الخصوص والمتمثلة بضعف نسبة مساهمته في القيمة المضافة الاجمالية والناتج المحلي الاجمالي وخاصةً بعد عام 2003، ويعود سبب ذلك الى تقادم الاجهزة والاصول الانتاجية وعدم صلاحيتها للعمل، فضلا عن النقص الكبير في انتاج الطاقة الكهربائية وعدم الاستقرار السياسي والامني.

2. تشير بوصلة الاتجاه الحكومي الى دعم النشاط المحلي الخاص وزيادة نسبة مساهمته في النشاط الاقتصادي، وسعي وزارة الصناعة والمعادن الى تنمية وتعزيز دور القطاع الخاص المحلي في اقامة المشاريع الصناعية، والمساهمة في إعادة تأهيل المشاريع الصناعية العامة ، الا ان دوره لازال محدوداً في النشاط الاقتصادي ولا يرتقي الى مستوى الطموح بسبب عدم تفعيل الكثير من القوانين المنظمة للعمل الصناعي الخاص وبما يشجع على تعبئة امـكـانيات القطاع الخاص وخبراته في تحقيق متطلبات التنمية الاقتصادية مثل (قانون حماية المستهلك والمنتج، قانون اصلاح النظام الاقتصادي،  وتعطيل اقرار قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص.) وغيرها من القوانين المعطلة.

3. الاستثمار الخاص سيما الاجنبي يعد من المصادر الاساسية للحصول على العملات الصعبة والمشاركة الواسعة للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، فضلاً عن الحصول على التكنولوجيا الحديثة وغيرها من المزايا، الا ان الاستثمار الاجنبي والمحلي لم يسهم في التنمية الاقتصادية وتحقيق الاهداف المطلوبة انما اقتصر على بناء المراكز التسويقية للسلع المستوردة (المولات).


و بناءً على الاستنتاجات التي توصل اليها البحث يوصي بما يأتي:


1. اعادة تأهيل وهيكلة المشاريع الصناعية العامة لتتوافق مع اقتصاد السوق على وفق سياسة اقتصادية تسهم في تحسين اداء الصناعات القائمة، وتحقيق الاستغلال الامثل للموارد الاقتصادية المتاحة مستهدفة تغييرات جوهرية لغرض زيادة مستويات الانتاج وتعزيز قدرات الاقتصاد الوطني وزيادة حجم الاستثمارات المحلية والاجنبية وبما يؤدي الى تطوير القوى المنتجة والمساهمة في تخفيف نسبة البطالة والفقر.

2. إعادة تأهيل المشاريع الصناعية العامة لزيادة دورها المساهم  في النشاط الاقتصادي ورفعه الى مستوى الطموح عبر تفعيل القوانين المنظمة للعمل الصناعي الخاص وبما يشجع على تعبئة امـكـانيات القطاع الخاص وخبراته في تحقيق متطلبات التنمية الاقتصادية مثل (قانون حماية المستهلك والمنتج، قانون اصلاح النظام الاقتصادي، قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص.) وغيرها من القوانين المعطلة.

Comments are disabled.