واقع المشروعات في محافظة الانبار في ظل عجز الموازنة العامة للدولة والاضرار الناجمة عن ذلك


الطالب : عبدالملك مروان عبدالملك       المشرف : أ.د. ثائر محمود رشيد

تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة بحث الدبلوم العالي في تخصص التخطيط الاستراتيجي للطالب ( عبدالملك مروان عبدالملك ) عن دراسته الموسومة ” واقع المشروعات في محافظة الانبار في ظل عجز الموازنة العامة للدولة والاضرار الناجمة عن ذلك – دراسة حالة مشروع مجسر الزيوت “.

ان التنمية الاقتصادية وما تفرضه من وجوب تأمين متطلبات المواطنين وسد احتياجاتهم، من صميم عمل الأهداف التي ينبغي ان تسعى حكومات الدول الى تحقيقها، فتعد في ضوء ذلك الخطط والبرامج لإقرار المشاريع، وتدرجها في بند النفقات الذي يرد في الموازنات العامة التي تعدها الحكومات.


فتحليل موازنات الدول يعطينا مؤشرات على مدى توجهاتها في سياستها العامة على المستويات كلها، لا سيما الاقتصادية، فللموازنات العامة، تأثير متبادل في السياسة الاقتصادية العامة، فهي التي توضح تلك السياسة، وتؤشر على الوضع المالي والعكس صحيح، وما تحمله بنود الموازنة من مؤشرات على توجهات الدولة الاقتصادية، من ناحية الاستثمارات في المشاريع الإنمائية بأشكالها كافة ، ما يعرف بـ(الانفاق الاستثماري)، فاذا كان هناك توافر للأموال نرى الدولة تتجه نحو زيادة (الانفاق الاستثماري) وتتوسع فيه، اما اذا كان هناك عجز في الميزانية العامة تعمل الدولة على سياسة التقشف وبذلك تخفض من مستويات الانفاق الاستثماري في ضوء أولويات الإستثمار.


اما الواقع السياسي في الدولة، فله أيضا تأثير كبير في الواقع الاستثماري، ومن اهم متطلبات البيئة الاستثمارية الجاذبة، استقرار الوضع السياسي والأمني.


اما بالنسبة لواقع العراق من ناحية الموازنة العامة والتي تعتمد أساساً على الإيرادات النفطية في مسألة تمويل الإنفاق، نراه يعاني من مشاكل كثيرة من ناحية الاستقرار السياسي والأمني، ومؤخرا مسالة انخفاض أسعار النفط، وبالتالي عدم الاستقرار المالي، في ظل عدم وجود تخطيط اقتصادي أو غير نافذ وعدم وجود سياسة اقتصادية واضحة المعالم.


فبالرغم من دور الحكومة المركزية في المشاريع الاستثمارية في المحافظات والاقاليم فضلا عن دور مجالس المحافظات، ولكن العلاقة بين السلطتين وازدواجية المسؤولية على مستوى اتخاذ القرار المالي والاستثماري في المشاريع أهم ما يميز شكل العلاقة ، فالحكومة المركزية تخصص الأموال في موازنتها للمحافظات، ومجلس المحافظة هو صاحب السلطة التقريرية في كيفية إنفاق تلك الأموال، فضلا عن المشاريع المباشرة من قبل بعض الوزارات الا انه لا يكون لديوان المحافظة سوى سلطة إشرافية على تنفيذ تلك المشاريع، وبدأت الأصوات تطالب بضرورة منح صلاحيات لسلطة المحافظة.


ومحافظة الانبار هي أحد أكبر المحافظات العراقية، التي تتمتع بالكثير من الثروات والمقومات الاستثمارية، فضلا عن حاجتها الملحة الى التنمية المحلية ، إلا ان المدة الماضية شهدت العديد من إقرار المشاريع في بيئة استثمارية غير ملائمة لا سيما من الجانب السياسي والأمني، انعكست على الوضع الاقتصادي للمحافظة. فضلا عن ان المحافظة عاشت واقع الاعمال الحربية وما تخلفه هذه الاعمال من دمار على المستويات كافة وتحديات واسعة على مستوى إعادة الاعمار.


ان المشاريع في محافظة الانبار قد لحقت بها اضرار نتيجة الأوضاع المالية والسياسية والأمنية في العراق، فضلا عن العجز في الموازنة، الذي ينسحب على بند النفقات الاستثمارية في المشاريع، فما مدى تأثر المشاريع القائمة بهذا بهذه الأوضاع والعجز والاضرار التي لحقت بها؟ وما هي إمكانية القيام بمشاريع جديدة؟ وما هي الاحتمالات التي يمكن ان تلجأ اليها الدولة للحفاظ على المشاريع القائمة وتأمين التمويل اللازمة لإنهاء المشاريع التي بحاجة الى تمويل لإنجازها؟ وما هي الحوافز والبدائل لاستمرارية المشاريع القائمة؟.


تكمن مشكلة البحث في مدى تأثير عجز الموازنة في واقع المشاريع وتنفيذها في محافظة الانبار والاضرار التي لحقت بتلك المشاريع نتيجة الواقع المالي والسياسي والأمني في محافظة الانبار والدولة العراقية ، سيما ان محافظة الانبار بحاجة ملحة الى إعادة الاعمار والتنمية الشاملة على المستويات كافة ، ومشروع (مجسر الزيوت) عينة من واقع تلك المشاريع التي تضررت جراء الأوضاع المالية ربما أهمها الوضع المالي ولكن الى جانب ذلك هناك أسباب أخرى مهمة.


و تكمن أهمية البحث من خلال أهمية دراسة واقع المشاريع الاستثمارية في محافظة الانبار، إذ تأثرت المشاريع في تلك المحافظة بالأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية السائدة في العراق بشكل عام ولا سيما في المحافظة مما يدفعنا ذلك الى دراسة واقع المشاريع والاضرار التي لحقت بها، والبحث عن سبل إعادة احياء تلك المشاريع باتجاه تحقيق عملية التنمية المحلية وإيجاد الحلول للمشاريع المتوقفة والمتعثرة سواء أكانت في مرحلة الإنجاز أم في مرحلة التشغيل في ظل عجز الموازنة العامة للدولة.


ويهدف هذا البحث الى عرض واقع المشاريع الاستثمارية في محافظة الانبار وبيان الاضرار التي لحقت بالمشاريع في محافظة الانبار والوقوف على أسبابها ، و صياغة الحلول الاستراتيجية للإرتقاء بواقع المشاريع الاستثمارية في ظل عجز الموازنة العامة للدولة في محافظة الانبار ولا سيما مشروع مجسر الزيوت كدراسة حالة.


و قد قسم البحث الى خمسة فصول، إذ تناول الفصل الاول المقدمة واهمية البحث والمشكلة والمنهجية، وتناول الفصل الثاني الموازنة والاستثمار في المشاريع الذي قُسِّمَ على ثلاثة مباحث تناولت الجانب المفاهيمي لكل من الموازنة والاستثمار وتعثر المشاريع ،والفصل الثالث الذي قُّسِّمَ على ثلاثة  مباحث متمثلة بنبذة عن محافظة الانبار، واقع المشاريع في محافظة الانبار واشكالها ،والمشاكل والتحديات التي واجهت انجاز المشاريع والاضرار التي لحقت بتلك المشاريع ،اما الفصل الرابع (مشروع مجسر الزيوت – دراسة حالة ) فقد قُسِّمَ على مبحثين، المبحث الاول معلومات عن المشروع (مشروع مجسر الزيوت ) موضوع دراسة الحالة، والمبحث الثاني تقييم هذا المشروع واخيرا الفصل الخامس الذي يتضمن أهم الاستنتاجات والتوصيات التي توصل اليها الباحث من خلال بحثه وفي نهاية البحث لائحة بالمصادر والمراجع التي استعملها الباحث.


ومن خلال دراسة الباحث ومعايشته لواقع المشاريع طيلة فترة البحث فقد توصل الى مجموعة من الاستنتاجات نذكر منها :


1) من التحديات والمشاكل التي ادت الى تعثر المشاريع المستمرة هو العجز في الموازنات العامة للدولة وعدم توفر الأموال اللازمة لانجاز المشاريع فنرى انحراف في معيار الزمن والجودة والكلفة.

2) ان المشروع الاستثماري جزء لا يتجزأ من خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية والقطاعية والحكومية بالدولة، وتختلف اهداف المشروع الاستثماري باختلاف الجهة التي تقوم بعملية الاستثمار إذ قد يكون الهدف من الاستثمار هو تحقيق الربح كما في مشاريع الملكية الخاصة أو ان يكون الهدف من الاستثمار هو تحقيق النفع العام كما في مشاريع الملكية العامة.

3) غياب الوعي بأهمية دراسات الجدوى الإقتصادية لاختيار واعداد والتهيئة لتنفيذ المشروعات.

4) إن دراسة الجدوى ليست مطلبا روتينيا لاستكمال متطلبات الحصول على اجازة المشروع الاستثماري او الحصول على تمويل وانما ضرورية لتجنب المستثمر- سواء أكان قطاعاً عاماً ام خاصاً- مخاطر القرارات الخاطئة وتقليل الكلف الباهظة.

5) عدم الإستفادة من دراسات الجدوى الإقتصادية كوسيلة علمية وعملية وكمؤشر يوضح إمكانية القيام بالمشروع ، وتحقيق نشاط ذي جدوى او عدم القيام به، ويعزى ذلك الى وجود العديد من العوامل والعقبات التي أدت مجتمعة الى تهميش دور دراسات الجدوى الإقتصادية كأسلوب أساس لضمان نجاح المشروعات الإستثمارية.

6) عدم وجود جهة معنية ومتخصصة (فريق عمل يشمل الاختصاصات كافة) تقوم بإعداد دراسة الجدوى للمشروع المزمع إنشاؤه عند متخذي القرار، ولهـذا فإن دراسـات الجـدوى الإقتـصادية للمشاريع الإستثمارية لا تتم بالمستوى والفاعلية المطلوبة.



ان العقبات والعراقيل التي تواجهها المشاريع الاستثمارية والإنمائية تحتاج الى معالجة جادة وحلول تسهم في النهوض بمستوى الاستثمار في العراق عموما وفي محافظة الانبار خاصة ، وقد توصل اباحث الى مجموعة من التوصيات التي من شأنها حل لهذه العقبات ونذكر منها : 


1) الغاء كافة القوانين والتعليمات النافذة التي تعيق عملية الاستثمار وتتعارض مع قانون الاستثمار، وايجاد آلية محددة تلتزم بها الدوائر الحكومية كافة في مجال تنفيذ المشاريع الاستثمارية.

2) القضاء على الروتين والبيروقراطية واختصار الاجراءات المتعلقة بمعاملات المشاريع الاستثمارية ابتداء من احالة المشروع للمستثمر والى تسليمه اعتمادا على الشباك الواحد في انجاز المعاملات الخاصة بالاستثمار، مع اختصار الوقت باستعمال المخاطبات الالكترونية.

3) مكافحة الفساد المالي وتطويق شروره وحصر نفوذه وتأثيره ووضع خطة عملية للهجوم على مواقعه بشكل متواصل وليس بشكل موسمي، يصاحب ذلك التوعية بمخاطره عبر الاعلام والمدرسة وغيرهما.

4) تنشيط عمل الاجهزة الرقابية المالية، هيأة النزاهة، دوائر المفتشين العموميين وغيرها، وتقديم الدعم لها وتنفيذ قراراتها وتفعيل القضاء فيما يتعلق بجرائم الفساد مهما كانت مواقع ومناصب القائمين به، والعمل على ضمان حياد القضاء وابعاده عن المحاصصة والصراعات السياسية فضلا عن تفعيل دور الراي العام والرقابة الشعبية ومنظمات المجتمع المدني.

Comments are disabled.