تأثير صدمات اسعار النفط في بعض المتغيرات النقدية في العراق – رؤية استشرافية

تمت في كلية الادارة والاقتصاد / جامعة بغداد مناقشة رسالة الماجستير في تخصص الاقتصاد للطالب ( عبدالحميد عبدالهادي حميد ) عن دراسته الموسومة (تأثير صدمات اسعار النفط في بعض المتغيرات النقدية في العراق – رؤية استشرافية ).

يعاني الاقتصاد العراقي من مشاكل هيكلية متراكمة في بنيته الاقتصادية،  لاعتماده بدرجة كبيرة على الايرادات النفطية  مما يجعله اقتصاد احادي الجانب غير متنوع في مصادر دخله ، ويعد إنموذجٌ للاقتصاد الريعي ، وتشهد السوق العالمية للنفط الخام تذبذبات وتقلبات كبيرة جدا في اسعار النفط الخام تكاد تكون دورية ومستمرة وهذه التقلبات في اسعار النفط تؤثر بدرجة كبيرة جدا في الاقتصاديات  الريعية والمتغيرات الكلية للسياستين المالية والنقدية . وتتركز مشكلة البحث في مدى تأثر الناتج المحلي الاجمالي و المتغيرات النقدية المتمثلة بعرض النقد واسعار الصرف ومعدلات التضخم في العراق بصدمات اسعار النفط الخام في السوق العالمية . وبالتالي اتخاذ التدابير الوقائية لامتصاص واستيعاب هذه الصدمات والتخفيف من اثارها في النشاط الاقتصادي.


ينطلق البحث من فرضية مفادها هنالك علاقة طردية بين صدمات اسعار النفط الخام في السوق العالمية  و المتغيرات النقدية  في العراق  المتمثلة  بعرض النقود واسعار الصرف ومعدلات التضخم.


يهدف البحث على تحليل أثار صدمات اسعار النفط الخام في السوق العالمية في الناتج المحلي الاجمالي والمتغيرات النقدية المتمثلة  بعرض النقود واسعار الصرف ومعدلات التضخم  في العراق  ، وتحليل سلوكها المستقبلي عند تعرضها لهذه الصدمات ، وهل هناك علاقات توازنية طويلة الاجل بين اسعار النفط وهذه المتغيرات فضلا عن العلاقات السببية.


وقد استند البحث على مناهج التحليل المتمثلة بمنهج الاستقراء من حيث تتبع الجزئيات للوصول الى الكليات ، ومنهج الاستنباط المتمثل بتتبع الكليات للوصول الى الجزئيات ، في التحليل فضلاً عن استعماله التحليل الكمي من خلال اعتماده الاساليب القياسية لدعم نتائج البحث.


ان هذا البحث قدم لمعالجة مشكلة انية ومستقبلية قد تمس الاقتصاد العراقي ومتغيراته النقدية المتمثلة بعرض النقود واسعار الصرف ومعدلات التضخم , بسبب طبيعة وهيكلية بنيته الاقتصاد الشديدة الريعية تجاه المورد النفطي المرتبط بصورة مباشرة بأسعار النفط في السوق العالمية , في محاولة لبيان اثار صدمات اسعار النفط في السوق العالمية على دورة الاعمال التجارية المعبر عنها  بالناتج المحلي الاجمالي و المتغيرات النقدية المتمثلة ( عرض النقد و اسعار الصرف و المستوى العام للأسعار).


تأتي اهمية البحث  بسبب ان سوق النفط العالمية تُعد من اعقد الاسواق في العالم بسبب طبيعة العوامل والظروف المحيطة بقوى العرض والطلب المتجددة عبر التاريخ والمتنوعة , هذا التعقيد يقود الى صعوبة التوقع والتنبؤ بأسعار النفط  والصدمات التي تحدث مستقبلاً بالتالي هنالك ضبابية  وخطورة كبيرة جداً تُحيط بصناع السياسة الاقتصادية الكلية ولاسيما السياسة النقدية في المحافظة على استقرار هذه المتغيرات في العراق.


نجد  ان هنالك ترابط قوي و وثيق بين دورة نمو الطاقة التي تفسر صدمات اسعار النفط في السوق العالمية و دورة الاعمال التجارية الخاصة بتحركات الناتج المحلي الاجمالي الثابت والجاري بصورة كبيرة بعد عام 2003 بسبب هيمنة المورد النفطي على معظم مؤشرات الاقتصاد الرئيسة. هذه الهيمنة انعكست على المتغيرات النقدية اذ تبين ان عرض النقد اصبح مساير لتوجهات السياسة النقدية قبل عام 2003 بسبب هيمنة المالية العامة على السياسة النقدية و بسبب طول الصدمة النفطية السلبية التي شهدها الاقتصاد , اما معدلات التضخم واسعار الصرف شهدت تدهور كبير جدا بسبب نفاد العملة الاجنبية وسياسة التمويل بالعجر , اما  بعد عام 2003 و بسبب هيمنة المالية العامة والنفقات العامة الناتجة من هيمنة المورد النفطي ظل عرض النقد تحت تأثير وهيمنة المالية العامة بسبب العوامل المؤثرة في عرض النقد , اما اسعار الصرف ومعدلات التضخم فقد نجحت السياسة النقدية في السيطرة على معدلات اسعار الصرف والتضخم من خلال نافذة بيع العملة الاجنبية بسبب تراكم الاحتياطيات الاجنبية لدى البنك المركزي الناتجة عن صدمات اسعار النفط الايجابية اعطت مرونة عالية لصناع السياسة النقدية في كبح جماح التضخم واستقرار الاسعار وهذا ما اوضحه المنهج الكمي , ولكن تبقى الخطورة قائمة في حال حدوث صدمة في اسعار النفط في السوق العالمية تتعدى فصلين او اكثر وقد تؤدي الى تدهور كبير في المتغيرات النقدية.

Comments are disabled.