منظور إستراتيجي لإعادة الهيكلية على وفق خيار إندماج وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي و العلوم والتكنلوجيا

تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد مناقشة رسالة الماجستير في الادارة العامة للطالبة ( زينب جالي ماذي ) عن دراستها الموسومة ( منظور إستراتيجي لإعادة الهيكلية على وفق خيار إندماج وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والعلوم والتكنلوجيا ).

شهدت عمليات الاندماج اهتماما ونمواً كبيرين في مختلف أنحاء العالم خلال العقدين الأخيرين , وذلك بسبب التوجه السائد نحو العولمة والرغبة في خفض التكاليف فضلاً عن الحاجة الى خلق كيانات كبيرة تستطيع المنافسة والبقاء والنمو , وقد نالت عمليات الإندماج التي شهدتها المنظمات العامة والخاصة والمؤسسات المالية والمصرفية  على إمتداد السنوات الأخيرة حيزاً كبيراً من الإهتمام نظراً لحجم العمليات التي تمت وما نتج عنها من تغيير في طبيعة القدرات التنافسية لتلك المؤسسات وما أفرزته من مفاهيم وقواعد أخرى للعمل.


وعليه فإن الدافع الذي يقود الى الإندماج يختلف بإختلاف الظروف , فقد يكون الدافع اليه هو الرغبة في التعاون بين المنظمات الداخلة في الإندماج لتحقيق التكامل فيما بينها , وقد يكون الدافع هو الرغبة في السيطرة والإحتكار , وإن الحكم عليه يكون وفق الغاية والهدف والفائدة المرجوة منه.


وقد شهد العصر الحالي مجموعة من التطورات التي من شأنها أن تؤثر في مختلف نواحي ومجالات الحياة ومن  ضمنها المنظمات , إذ تتعرض المنظمات  لتحديات نتيجة للتغيرات البيئية في شتى المجالات , السياسية , الاقتصادية , الاجتماعية , التكنلوجية وغيرها والتي تحتم على هذه المنظمات الإهتمام بهياكلها التنظيمية والذي سوف يؤدي بدوره الى زيادة  قدرتها في تحقيق أهدافها المنشودة ومقابلة إحتياجاتها.


ولا شك أن بلدنا العزيز يمر بأحداث كثيرة لم تكن مألوفة سابقا , والذي أثر في طبيعة عمل مؤسساته وأدائها لمهامها , لذلك كان لابد أن تتسلح هذه المؤسسات لمواجهة الظروف الطارئة والتكيف مع التغييرات المتسارعة , وكنتيجة طبيعية لمواكبة تلك التغيرات والتطورات كان حتما على إدارات المنظمات أن تولي إهتماماً كبيراً بموضوع الإندماج الذي يعد خطوة إيجابية نحو الإصلاح الإداري الذي إنتهجتها الحكومة العراقية والذي شمل عدد من الوزارات المتشابهة في طبيعة عملها، إذ إن عملية الإندماج ستؤدي بدورها الى إعادة الهيكلة التنظيمية  بوصفها  أحد مداخل التغيير والذي يساعد المنظمات على التأقلم مع الواقع الجديد المفروض عليها , وهذا ماينطبق على بيئتنا العراقية التي لم تشهد إستقراراً بسبب الأوضاع المفروضة عليها.


لذلك فقد تناولت الباحثة موضوع إعادة الهيكلة من منظور إستراتيجي وفقاً لخيار الإندماج , في دراسة تحليلية لكل من وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي  و وزارة العلوم والتكنلوجيا , وهذا التحليل يكون في ضوء أهداف و واجبات الوزارتين ومدى تأثير عملية الإندماج في هذه الهياكل وكيف يتم إعادة هيكلتها بإتجاه الخروج بهيكل تنظيمي موحد , كذلك سيتم مراعاة وتنفيذ متطلبات المهام والواجبات الجديدة التي تمثل إستجابة للظروف البيئية وظروف الاندماج و وضع آليات لتطوير العمل في الهيكل الجديد.


هدفت الدراسة الى إجراء عملية إعادة الهيكلة في وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي و ( العلوم والتكنلوجيا ) من خلال تحليل الهياكل التنظيمية في الوزارتين , بهدف التعرف على طبيعة ومهام وأهداف كل وزارة ومن ثم محاولة إيجاد السبل التي تساعد على كيفية وضع آلية مناسبة لغرض إنشاء هيكل جديد موحد من خلال تقديم هيكل مقترح للوزارة الجديدة التي تضم دوائر وتشكيلات الوزارتين العلمية والفنية والإدارية , بعد صدور قرار حكومي بالإندماج كخطوة للإصلاح الإداري الذي إنتهجته الحكومة في الوقت الحاضر.


اعتمدت الدراسة الحالية منهج  دراسة الحالة case study  , في مجال تحليل الهياكل التنظيمية للوزارتين وتطبيق وسائل وأدوات إحصائية متطورة منها , قائمة الفحص المعيارية check list  , و المقابلات الشخصية وأستمارة إستطلاع الرأي للوصول الى قاعدة عريضة من البيانات, والتحري عن إستجابات عينة الدراسة التي جرى إختيارها بطريقة قصدية.


وتمثل  مجتمع الدراسة بدوائر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وعدد من دوائر وزارة العلوم والتكنلوجيا , كما تضمنت عينة الدراسة المديرين العامين للدوائر ومديري الأقسام  في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي , ومديري الدوائر والأقسام الإدارية , التي تتشابه مهماتها وطبيعة عملها مع دوائر وأقسام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي , وكان مجموع عينة الدراسة (41) شخصاً موزعة مابين (16) من التعليم العالي والبحث العلمي و(25) من وزارة العلوم والتكنلوجيا , إذ جرت مقابلتهم بصورة مباشرة وطرح الفقرات الخاصة بقائمة الفحص والحصول على الأجوبة بمشاركة الباحثة.



وتكونت هذه الدراسة من خمسة  فصول والتي تضمنت عدد من المباحث  , الفصل الأول من مبحثين إختص المبحث الأول بمنهجية الدراسة , والتي أحتوت على الأطار العام للدراسة متضمناً , مشكلة الدراسة وأهميتها وأهدافها ومجتمع وعينة الدراسة ومنهج وطرائق وأساليب جمع وتحليل البيانات والأساليب الإحصائية المستعملة.


أما المبحث الثاني فتضمن عرض بأهم الأدبيات والدراسات السابقة الأجنبية والعربية ولكلا المتغيرين وبيان مدى الإفادة منها , فيما تضمن الجانب النظري الفصلين الثاني والثالث من الدراسة , حيث شمل الفصل الثاني على مبحثبن , تم التطرق في المبحث الأول الى الخيارات الإستراتيجية ومن ثم خيار الإندماج في المبحث الثاني كونه يمثل أحد هذه الخيارات , بينما شمل الفصل الثالث ثلاثة مباحث هي المنظمة والهيكل التنظيمي في مبحثين الأول والثاني , فيما شمل المبحث الثالث على إعادة الهيكلة , أما الجانب التطبيقي فقد تركز في الفصلين الرابع والخامس, شمل الفصل الرابع على ثلاثة مباحث , المبحث الأول إعطاء نبذة تاريخية عن نشأة وتطور الوزارتين المبحوثة ومن ثم عرض لدوائر الوزارتين وهياكلها , وشمل المبحث الثاني عرض وتحليل نتائج الجانب الإحصائي وتفسير نتائج قائمة الفحص المعيارية ,والمبحث الثالث تضمن عرض وتحليل وتفسير نتائج إستمارة إستطلاع الرأي , وأخيرا تضمن الفصل الخامس مبحثين , الأول على الإستنتاجات , والثاني للتوصيات والمقترحات.

وقد توصلت الدراسة الى نتائج كان أهمها وجود إرتباط معنوي ذي دلالة إحصائية بين قرار الإندماج وعملية إعادة الهيكلة , إذ إن عملية إعادة الهيكلة تتم على وفق قرار الإندماج وإن قرار الإندماج هو أحد أبعاد إعادة الهيكلة , كذلك أثبتت النتائج إن هناك تأثيراً عالياً للإندماج على عملية إعادة الهيكلة.


و تمثلت أبرز التوصيات ( من المؤكد إنه لا مفر من مواجهة صعوبات مصاحبة لأي عملية تغيير تنظيمي , لكن من الممكن التقليل والتخفيف من هذه الصعوبات , لهذا توصي الباحثة بضرورة العمل الجاد من قبل القيادات العليا للوزارتين على مراعاة الجوانب الإنسانية والإستحقاقات الوظيفية للعاملين في عملية توزيع الكوادر والملاكات  العاملة على الأعمال والحفاظ على مناصبهم الوظيفية ومنح المخصصات لهم وإزالة الترهلات التي كانت تعاني منها الوزارتان سابقاً , وللذين لم يتناسب عمل الوزارة الجديد مع إختصاصاتهم إيجاد فرص عمل لهم في وزارات أخرى في محاولة لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب ) كذلك (العمل على إزالة التوتر والقلق بين صفوف العاملين في الوزارتين بعد صدور قرار الإندماج , وذلك من خلال مبادرات القيادات العليا على تنفيذ القرار بصورته الرسمية وجعله واضحاً للجميع وإزالة أي غموض حوله من خلال عقد ندوات ومؤتمرات أو لقاءات موسعة لتوضيح أبعاد القرار والمنافع الوظيفية المرجوة منه ).

Comments are disabled.